السبت، 19 سبتمبر 2015

هل ممكن بإمكان قائدك مساعدتك على تغير نفسك ؟

ثمّة نصائح كثيرة في مجال الإدارة تركّز على حاجة الأفراد إلى أن يصبحوا أقدر على حلّ المشاكل؛ لكنّ هناك خطوة هامة تسبق هذه المرحلة


هل سبق لك وأن حاولت تغيير سلوك شخص معيّن في مكان عملك؟ لا شكّ بأنّ هذه المهمّة قد تكون مُحْبِطةً للغاية. وفي أغلب الأحيان، يمكن لهذه الجهود أن تقود إلى نتائج معاكسة، كأن تفضي مثلاً إلى شرخ في العلاقة، أو إلى تراجع في الأداء الوظيفي، أو قد تدفع بذلك الشخص إلى العناد والتشبّث بموقفه رافضاً الاستسلام. ومع ذلك، فإن بعض المنهجيات تُعتبر أنجح من غيرها في إحداث التغيير المنشود.
كنّا قد أجرينا سابقاً مراجعة لمجموعة من البيانات التي تخصّ 2.852 مرؤوساً مباشراً و559 قائداً، حيث كان هؤلاء المرؤوسون المباشرون قد صنّفوا مدراءهم على أساس 49 سلوكاً، كما أجروا تقويماً للقادة بناءً على فعاليتهم في قيادة عملية التغيير، وتحديداً قدرة هؤلاء القادة على التأثير في الآخرين لكي يسيروا في الاتجاه الذي ترغب المؤسسة بأن تذهب فيه. قمنا بعد ذلك بإجراء تحليل للأشخاص الذين حصلوا على أعلى التصنيفات وعلى أدنى التصنيفات بالنسبة لقدرتهم على قيادة عملية التغيير، وقارنّا ذلك مع السلوكيات الأخرى التي قسناها.
اكتشفنا خلال هذه العملية بأن بعض السلوكيات كانت أقلّ فائدة من غيرها في إحداث التغيير لدى الآخرين. كما وجدنا بأن هناك سلوكان لم يتركا أثراً كبيراً أو كان أثرهما شبه معدوم، الأمر الذي يساعدنا في فهم الأشياء التي ينبغي تجنّبها وعدم القيام بها:
1. إبداء اللطف
لقد تبيّن وبكلّ أسف بأن الأشخاص اللطفاء هم آخر من يصل إلى خط النهاية في لعبة التغيير. ربما كان الأمر أسهل لو أن كلّ ما يحتاجه إحداث التغيير المطلوب هو وجود علاقة تتّسم بالدفء والإيجابية مع الآخرين. لكن الأمر ليس كذلك.
2. الاستمرار في تقديم الطلبات والاقتراحات والنصائح اللامتناهية إلى الآخرين
وهذا ما يُختصر عادة بكلمة شائعة هي “النق”. فبالنسبة لمعظم الأشخاص يُعتبرُ هذا النقّ مزعجاً للغاية، وكلّ ما يفعله هو أنه يُضايقهم عوضاً عن تغييرهم. (وهذه هي المقاربة التي يميل العديدون إلى تبنّيها كخيار مفضّل، على الرغم من ثبوت عدم نجاحها.)
قمنا بعد ذلك بتحليل السلوكيات التي بدرت من الأشخاص الذين يتّصفون بقدرة استثنائية على قيادة عملية التغيير. ووجدنا سبعة سلوكيات تساعد الناس كثيراً في أن يتغيّروا. وها نحن نوردها فيما يلي مرتّبة بحسب أهميتها من الأهم إلى الأقل أهمية.
1. إلهام الآخرين
هناك طريقتان شائعتان نلجأ إليهما بمعظمنا، وبشكل أساسي، عندما نحاول تحفيز الآخرين على التغيير. ويمكن أن نطلق على هاتين الطريقتين عموماً “الشدّ” و”الجذب”. فبعض الناس يميلون بحدسهم إلى شدّ الآخرين بقوّة قائلين لهم بأنهم بحاجة إلى أن يتغيّروا، ويذكّرونهم دائماً بضرورة هذا الأمر، وفي بعض الأحيان يُتبعون هذه الخطوات بشيء من التحذير بخصوص العواقب التي قد تترتّب عليهم في حال لم يتغيّروا. وهذه الطريقة الرامية إلى تحفيز الآخرين تختلف عن الحالة الكلاسيكية القائمة على الإصرار المُزعج والتي أشرنا إليها قبل قليل، وقلنا بأنها قد أثبتت عدم جدواها.
أمّا المنهجية البديلة فهي “الجذب”، والتي يمكن تطبيقها بعدّة طرق تشمل العمل مع الفرد المعني من أجل تحديد هدف معيّن يشكّل مصدر إلهام له، واستكشاف سبل بديلة للوصول إلى ذلك الهدف، والبحث مع ذلك الشخص عن أفضل الطرق التي يجب سلوكها للمضي قدماً. وأفضل سبيل لإنجاح هذه الطريقة هو أن تبدأ بتحديد ما يريد الشخص الآخر تحقيقه، ومن ثم ربط هذا الهدف بالتغيير الذي تقترحه عليه أنت. فالقائد المُلهِم للآخرين يتفهّم الحاجة إلى إقامة روابط تتّسم بالعاطفية مع الزملاء. وهو يحاول أن يثير لدى الآخرين شعوراً بالرغبة عوضاً عن إثارة شعور الخوف لديهم. ومن المنهجيات الأخرى التي يمكن اتّباعها في العديد من أماكن العمل محاولة نسج علاقة قائمة على العقلانية مع الشخص المعني، بحيث يمكنك أن تشرح له المنطق الكامن وراء التغيير الذي ترغب بحصوله لديه.
2. ملاحظة المشاكل
ثمّة نصائح كثيرة في مجال الإدارة تركّز على حاجة الأفراد إلى أن يصبحوا أقدر على حلّ المشاكل؛ لكنّ هناك خطوة هامة تسبق هذه المرحلة، ألا وهي القدرة على إدراك المشاكل (أي رؤية الأوضاع التي تستدعي التغيير وتوقّع الفخاخ المحتملة سلفاً قبل الوقوع فيها).
فعلى سبيل المثال، في إحدى الشركات التي عملنا معها، كان من الشائع سماع عبارات المديح والثناء التي توجّه إلى الموظفين بسبب إظهارهم لمهارات بطولية في إدارة الأزمات – مثل إنقاذ المشاريع التي كانت على شفا الانهيار، أو إيصال منتج معيّن إلى الزبون في الوقت المحدّد بعد أن كان هناك احتمال لإيصاله متأخّراً. وقد أدركت إحدى المديرات الجديدات في الشركة بأن هذا النمط كان يُعتبر مشكلة خطيرة. فهي وعن حق رأت بأن الأمر لم يكن ينمّ عن اجتهاد في العمل، بقدر ما كان مؤشراً على وجود خلل في العملية.
3. تقديم هدف واضح
المزارع البارع هو من يفلح الأرض على شكل خطوط طولية (أثلام) من خلال اختيار نقاط بعيدة في الأفق ومن ثمّ يستمرّ في الفلاحة في اتجاه النقاط المنشودة. وأفضل طريقة لإنجاح مبادرات التغيير تكمن في تثبيت جميع الناس لأنظارهم على الهدف ذاته. وبالتالي، فإن أنجح نقاش بخصوص التغيير المُقترح هو النقاش الذي يبدأ بالاستراتيجية التي يخدمها هذا التغيير.
4. تحدّي المنهجيات الشائعة
غالباً ما تتطلّب جهود التغيير الناجحة من القادة المعنيين أن يتحدّوا المنهجيات الشائعة وأن يعثروا على طرق للمناورة بعيداً عن الممارسات والسياسات القديمة، بما فيها تلك التي تُعتبر مقدّسة في نظر الجميع. فالقادة الذين يثبتون تفوّقهم وتميّزهم في قيادة عملية التغيير لن يتوانوا حتى عن تحدّي أكثر القواعد قداسة.
5. تعزيز ثقة الآخرين في حكمك على الأمور
يتضمّن هذا الأمر جانبين: أولاً تحسين حكمك على الأمور فعلياً، وكذلك تحسين نظرة الآخرين إلى حكمك هذا. فالقائد المُتمكّن يتّخذ قراراته غالباً بعناية وحذر بعد جمع البيانات من مصادر متعدّدة، وبعد طلب الآراء من الأشخاص الذين يعلم بأنهم يمتلكون وجهات نظر مختلفة. وهو يدرك بأن طلب النصح من الآخرين هو دليل على ثقته بنفسه و على قوّته، وليس علامة على الضعف. وبسبب قدرته على بناء الثقة في القرارات التي يتّخذها، فإن قدرته على تغيير المؤسسة تقفز إلى عنان السماء. فإذا كان الآخرون لا يثقون في حكمك على الأمور، سيكون من الصعب عليك دفعهم إلى إجراء التغييرات التي تريد منهم إجراءها.
6. التحلّي بالشجاعة
يقول أرسطو: “لن تُقْدِمَ على أي فعلٍ البتّة في هذا العالم دون شجاعة. فالشجاعة هي ثاني أعظم صفة تميّز العقل بعد الشرف.” نعم، كلّ مبادرة تشرع بها كقائد، وكلّ موظف جديد تعيّنه، وكلّ تغيير تنفّذه في عملية معيّنة، وكلّ فكرة تخصّ منتجاً جديداً تعمل على تحويلها إلى واقع، وكلّ عملية إعادة تنظيم تسعى إلى تطبيقها في المؤسسة، وكلّ خطاب تلقيه، وكلّ حديث تقدّم فيه رأياً نقدياً إلى أحد الزملاء، وكلّ استثمار في معدّات جديدة يحتاج إلى شجاعة. والحاجة إلى الشجاعة تغطّي عوالم عديدة.
في بعض الأحيان، نسمع شخصاً يقول: “يا إلهي، أنا لست مرتاحاً لفعل هذا الأمر” لكن ما لاحظناه هو أن الكثير ممّا يفعله القادة، وتحديداً في جهودهم الرامية إلى إحداث التغيير، يتطلّب الاستعداد للعيش في حالة من عدم الارتياح.
7. تحويل التغيير إلى أولوية قصوى
ينصّ أحد قوانين نيوتن في التيرموديناميك (والمسمّاة أيضاً قوانين الديناميكا الحرارية) على أن “الجسم الساكن يميل إلى البقاء ساكناً”. فالتباطؤ، والتوقف، والبقاء في حالة سكون هي أمور لا تحتاج إلى جهد. فهذه أشياء تحصل بشكل طبيعي للغاية. والكثير من جهود التغيير لا يحالفها النجاح لأنها تصبح واحدة من مئات الأولويات. وبالتالي لإنجاح جهود التغيير، أنت بحاجة إلى استبعاد الأوليات المنافسة، وإلى تسليط الضوء بوضوح على هذا الجهد تحديداً، والذي يرمي إلى إحداث التغيير المطلوب. والقادة الذي يفعلون ذلك بنجاح هم من يركّزون يومياً على جهود التغيير، ويتتبّعون التقدّم المحرز فيه بعناية، ويقدّمون التشجيع إلى الآخرين.
إن تحوّلك إلى شخص يساعد في حصول التغيير هو أمر سيعود بالنفع عليك في جميع جوانب حياتك، سواء في المنزل أو في العمل. لا بل سيساعدك حتى في تغيير نفسك.

المصدر: موقع "البوابة" 
هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه للسارى جروب | إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

تصميم : احمد جمال